{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (91) وَلَقَدْ جَاءَكُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ (92) وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (93)}{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} يعني القرآن.{قَالُواْ نُؤْمِنُ بِمَآ أُنْزِلَ عَلَيْنَا} يعني التوراة.{وَيَكْفُرونَ بِمَا وَرَآءَهُ} أي بما سواه وبعده.{وَهُوَ الحق} يعني القرآن.{مُصَدِّقاً} نصب على الحال. {لِّمَا مَعَهُمْ} قل لهم يا محمّد: {قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَآءَ الله مِن قَبْلُ} ولمَ أصله ولما فحذفت الألف فرقاً بين الخبر والأستفهام كقولهم: فيم وبم ولم وممّ وعلام وحقام، وهذا جواب لقولهم: نؤمن بما أنُزل علينا.فقال الله عزّ وجلّ {فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَآءَ الله مِن قَبْلُ}.{إِن كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ} بالتوراة وقد خنتم فيها من قتل الأنبياء {وَلَقَدْ جَآءَكُمْ موسى بالبينات} بالدلالات اللايحات- والعلامات الواضحات.{ثُمَّ اتخذتم العجل مِن بَعْدِهِ} أي من بعد انطلاقه إلى الجبل {وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ}.{وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطور خُذُواْ مَآ ءاتيناكم بِقُوَّةٍ واسمعوا} أي استجيبوا واطيعوا سميت الطاعة سمعاً على المجاز لأنّه سبب الطّاعة والأجابة ومنه قولهم: سَمِع الله لمن حمده أي أجابه، وقال الشاعر:دعوت الله حتّى خفتُ ألاّ *** يكون الله يسمع ما أقولأي يجب.{قَالُواْ سَمِعْنَا} قولك. {وَعَصَيْنَا} أمرك أو سمعنا بالآذان وعصينا بالقلوب.قال أهل المعاني: إنّهم لم يقولوا هذا بألسنتهم، ولكن لما سمعوا الأمر وتلقوه بالعصيان نُسب ذلك عنهم إلى القول أتساعاً، كقول الشاعر:ومنهل ذبّابة في عيطل *** يقلن للرائد عشبت أنزل{وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ العجل} أي حبّ العجل، كقوله تعالى: {وَسْئَلِ القرية} [يوسف: 82]، وقال النابغة:فكيف يواصل من اصبحت *** خلالة كأني مرحبأي لخلاله أني مرحب، ومعناه أدخل في قلوبهم حبّ العجل، وخالطها ذلك كاشراب اللون لشدة الملازمة.{بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ} أن تعبدوا العجل من دون الله فالله لا يأمر بعبادة العجل.{إِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ} بزعمكم وذلك إنّهم قالوا: نؤمن بما أُنزل علينا، فكذبهم الله تعالى.